أبها البهيَّه

 جلست أمام شاشتي المضيئه أتأمل حدودها الجامده ..أرقب أي فكره تقفز لي فأكتبها 

بالرغم أنني محملة بأيام وتفاصيل ممتعه لرحلتي إلا أن بعثرة أوراقي العنيده تشتتني !

الليل انسدل والنعاس يداعب أجفاني ولازلتُ مصرة أن أخط لكم ولنفسي بعضا مما استنشقته من هواء عسير ,, وارتفع بكم لقممها الضبابيه الساحره..

ربما صدمتي بأبها الجديده هي ما كفَّ قلمي عن الكتابه فـ أبها المرسومة بذاكرة الطفولة كانت أجمل بكثير من أبها المشنوقه الآن..

ومع ذلك لازلتُ احترم جمال طبيعتها الأصيلة المتبقيه .. وحشائشها الحاديه والتي بقيت تذكارا لبعض من نبض الطبيعه الفاتره!!

بالرغم من توهان دروب العوده كل يوم لمسكننا نظرا لشوارعها المتعرجة والمتشعبه لكنها كانت قريبة جدا من نفسي

أما جدران بيوتها المتداخله بغير ملامح.. المطلية بألوان البهجة تغطية لسواد الزمن .. وتشققات السنين ..

أحببتها ..

أنست بكل أوجهها التي نزعت حجابها الأسود المطرز بأضواء الحياة المزدحمة بالسياح..

عندما كنت أجوب شوارعها في وقت متأخر ألمس همساتها الباردة في أذني تحكي كرامة خفيه عظيمة أو نزف يغلي غطته كرات البَرَد..

لاأعرف كيف انبثق ذلك الإحساس بيني وبين سفوح جبالها الشاهقه ..تناقض مربك حقا..

أحببتها وكعادتني عندما أحب أي شيء أن أبحر في كبده لأكون ماهرة في عجن ذراته بفكري ..

لم أتردد في ركوب العربات المعلقة لتبدأ رحلة الإبحار حيث تجلت بلاغة الصمت بفتنه أغرقتني ..

هوت بكل مافيني لوديانها السحيقه فامتزج التأمل بالخوف .. ليتوهج منظر غلفني بسلوفان وحيدة مع جرح من نوع آخر ..

لم أعرف كيف رسم خيالي تلك الصورة لأرى الوادي جرح غائر جففته حرقة الشمس وقد شق جسد الأرض الأبيه فقسمها القدر لأجساد متقابله

 تتسامر وحيدة عندما يحتظنها ظلام الليل بعد أن ينفض عنها صخب الإنسان المتململ الذي جاء ليتمرغ بروعتها فتبتهج روحه المتماوجه..

بكت الأرض جرحها بين يدي أو حولهما – فالوصف يخونني – وبكاء أرض كتلك حتما سيبدد تركيزي ويفتت قلمي الرصاص..

أردت احتضانها بتواضع .. لكنها ابتسمت ساخرة من قطرة فكري المتطايرة على غيمات داعبت ملامحي برقة على تلك القمم ..

قهقرة إنسانيتي وأفحمتها ( بصمت )!!

أشجارها بدت ككتل مترامية صغيره اختنقت بخضرة كانت مشبعة يوما بها !!

ارتدت  ثوب اصفرار لم تعهده قبل سنوات لربما تماشيا مع صيحة موضات العام الحالي ..

يبقيها كبرياء الطبيعة .. بشموخ لفَّ جذوعها الصلبه  ..

 أنشغلت بعيني لأصور ماحولي ولم أفضل إستخدام كاميرات التصوير الآليه إيمانا بعظم كاميراتي الربانيه وذاكرتي الواسعه بلا حدود 🙂

وفي أحد تنقلاتي هناك .. جلستُ في زاوية أيضا أضفتها لقائمة عشقي

ارتشف فنجان القهوة العربية الساخنه على سفح الجبل الأخضر الساحر

شاطرتني المتعة .. زخات مطر نقشت عطرها على يديّ التي كانت تلاحق دفء الفنجان ..

ملأت رئتيَّ  برائحة القهوة الممزوجة برائحة الخضرة النديَّة ..

أما أفكاري فتمايلت على أنغام حفيف الأشجار السامقة وقد صافحت الأرض بالسماء

 مرورا بمقعدي في تلك الزاوية ..

بحثت بنهم بين أغصانها لأسحق عطشا التهم روحي..

أردت أن أرتوي بقطرات اختبئت بين شقوق أغصانها المبلله ..

كان ذلك بعد صلاة العصر .. مر الوقت سريعا ..

وإذا بـ الغروب يزحف شيئا .. فشيـئا

ليبتلع نور سماء تلك المدينه ..

يخيم هدوء رهيب على كل الجالسين .. ولحظات تأمل تنسكب فجأة على عالم انفصل عما حوله ..

ألقيت نظرة فضولية على كفوف كناري العشق المتشرة هنا وهناك .. فـ أبها هذه الأيام تغص بالعرسان الغارقين في بحر العسل !

 ترى أين انتثر الحب وتبعثرت صور الغرام التي طوقتني قبل قليل؟!!

*

**

انحل تشابك الأيدي البارده وانشغلت الأعين والقلوب بقرص الشمس المتثاقل إعلانا بإنتهاء يوم جميل ..

لمحت في أعين الجميع حزن دب دون استأذان فعم المكان ..

سجلت كل تلك الأقنعه المكتئبه بقلبي وأشفقت عليها لكنني لم أتوانى أو أتردد بترجمتها أو ذكرها حبا لها ..

عندما أسدل الليل أجفانه على الكون بدأ مشهد آخر .. وموعد متجدد مع جمال أبها البهيه ..

 انتثرت أنوارها كحبات ألماس جرفتها أنهار الحياة الجاريه لينعكس نورها على وجه سكانها في كل الشوارع وبمختلف الإتجاهات..

حياة تضج بسكون ..وملامح اتخذت الروح المرفرفة ركن لها ..

وكعادة عقارب الساعة تلهث بلا اكتراث لا لجمال أو قبح

لا تعرف إلا واجبها الذي وجدت من أجله وهذا مايجبرني على أحترامها!!

تمضي بلا أي عاطفة تقتضم العمر ليتآكل الوقت سريعا ..

حانت ساعة الرحيل تاركة مقعدي لشخص آخر .. ومنديل انهكته دموع  استفزها ذلك الجبل !!

وبقايا من مسحوق البن وحبات الهيل في قاع دلة بارده!!

عزائي هو رحلتي الأخرى  لصخورها المتراكمة بمنطقة ” السوده” فن رباني متقن أعجبني..  

استنبتت قطرات المطر حشائش لدنه محشورة بين ثنايا الصخور وكأنها تنافس الإنسان على فرصة الحياة..

فضلتُ أن أنزع حذائي وكل مايفصلني عن لغة الطبيعة  .. تنقلت بين صخورها عارية القدمين ..

تسللت برودة الصخور من أطرافي عبر أوردتي الخامله المشبعة بأبخرة المصانع وشحنات الطاقات السلبيه وصولا لذلك الرأس الحائر..

أحسست بصفاء ذهني وروحي مريح.. ربما لأن عقلي افتقد دماء نقيه تنعش خلاياه المسمومة منذ سنين ..

امتزجت رائحة الحطب بطعم الكبسة اللذيذه ورائحة شواء اللحم المتبل بأصوات طبول الفرح في قسم العزاب

ولم يستمر بالون السعادة بالإنتفاخ حتى انفجر بوخزات سيارة الشرطه التي نظمت المكان ومنعت أي شوشره .. 🙂

وكعادة كل يوم منذ أبصرت دنياي ينتهي بالغروب ..

لم أستسغ ساحات المهرجانات السبع التي أقيمت بمناسبة الصيف ربما لأن ابها طبعت بذاكرتي بطبيعتها الخلابة فلم يكن يعنيني تنظيمها لمثل هذه الفعاليات..

لم يخل الوضع من البرشومي المقشر وتشكيلة الفواكه الطازجه التي أضافة حلاوة أكثر للرحله ..والحلوى العمانيه كذلك ..

اشتريت هدية لأمي حقيبه مصنوعه يدويا بالخوص بالرغم أنها بدائيه إلا أنها أنيقه ناعمه ..

أما أبي اشتريت له تمثال صقر ليضعه على طاولة المجلس الفارغه لأنه يرفض أي تحفه باعتبارها رمز نسائي لايليق بمجالس الرجال 

أعجبني جدا منظر إبداع الشباب واستعراض السيارات في منطقة ” الحبله “

وماأحزنني هو أفضل عرض لخمس سيارات فوق بعضها الزمتهم الهيئه والشرطه على هدم جهدهم الطويل

منظرها كان مميز بالفعل ومما أكد لي بعضا من مبررات تصرف الشرطة هذه صوره لسكوتر أحد الأطفال شاهدوا كيف تأثر بمنظر سيارات الحبله ! هههههه

بالنسبه لي مااشوف في الموضوع أي خطوره بالعكس استثمار للإبداعات الشبابيه وتزيين طريق الحبله بلوحات مميزه

 الرحله مليئه بالتفاصيل والذكريات بالذات اننا مجموعة عوائل ماشاءلله وبالرغم من زحمة زوار أبها إلا أن ذلك لم يعيق تألقها واستمتاع زوارها بها..

مع أننا كل يوم ” نكشت ” لكن لم نتنازل عن فرصتنا الأخيره في ربوع أبها فتناولنا وجبة الغداء على أحد المرتفعات الخضراء ثم سلكنا طريق الرجعه للرياض

وبما أن رحلة السفر بدأت بعد صلاة العصر إذا فمعظم الطريق قضيناه تحت ضوء القمر بأحضان الليل الهاديء

الجميل هو أننا شهدنا شروق الشمس ونحن نسير عائدين لرياضنا الحبيبه 🙂 منظرها قمه في الروعه والسكينه وهذه الصور اخذتها بجوالي بالسياره

( هنا بداية الشروق قبل ظهور قرص الشمس )

وهنا بدأت بالظهور شيئا فشيئا ..

هنا أشرقت وتجلت بوضوح

وهذه الصخره أعجبتني جدا رأيتها على طريق السفر أدهشتني سبحان الله !!

إلا هنا أضع قلمي واكتفي بذلك .. متمنيه للجميع قضاء أوقات صيفيه سعيده أينما كنتم أحبتي 🙂

لكم فائق محبتي ..

الأوسمة: ,

9 تعليقات to “أبها البهيَّه”

  1. e7sasy Says:

    ماعمري رحت لأبهـــــا .. !!

    اتمنى جوها .. بس ما أحب السفر بالسياره 😦

    سبحان الله الطريق بالليل غيـــر وخصوصاً وقت الفجر
    واذا كان النور بيطلع .. منظر وجو رووووعـــه ..

    تسلم ادينك ..

  2. farah Says:

    اهلين إحسان منوره على فكره انا مثلك اتعب جدا لما اسافر بالسياره لكن اللي يهون علي هو رغبتي في الخروج من الملل بأي طريقه هههه
    انصحك لو اضطريتي تسافرين بالسياره لاتسافرين إلا بالليل ماتصدقين قد ايش تصير الرحله ممتعه خاصه لما تاخذين معك وسائل ترفيه وكتب وشغلات تونسك صدقيني بتكون الرحله جزء من المتعه ..
    شكرا لكِ ولمرورك البهي

  3. nahla.a Says:

    صور جميلة خاصة الجبل الاخضر اكثر من رائع.
    ووصفك فى الكلمات اكثر من رائع.
    ادام الله عليك السعادة يا رب.
    تحياتى لكى

  4. ظمأ القلب Says:

    أبها البهيه تلك جبالها وسفوحها كما كنا نرتادها في ايام الطفولة !
    ربما تغير بها الشي الكثير إلا أنها ماتزال تحتفظُ بجعبتها الطبيعة
    التي تشد الروح سحراً

    جميلةُ رحلتكِ عزيزتي والأجمل حرفكِ المُتنقل بين سحرِ الأرضِ وجمال السماءْ ..

    لـ قلبكِ يا أنيقةْ .. وردةْ

  5. The Lullaby Says:

    ..

    ياكمّ الماء والمطر ,

    رحلة جمية . وَ لقطات أحلى :..

    تفاصيل الرحلة مقرمشة $:

  6. الواثقة بربها Says:

    أبها البهية رائعة بحق

    تمنيت أن أذهب لها هذه السنة لكن الأفراح والزواجات منعتنا من ذلك

    ذهبت لها الصيف الماضي رائعة

    أدام الله أفراحكم يا غالية

    رحلة رائعة صورتيها بأسلوب أروع\\ بوركت يا فرح

  7. آلاء Says:

    :)عوداً حميداً..

  8. تركي الشريف Says:

    أبها..نملؤها دائما بالذكريات..
    ابداع الشباب يكون جميلا اذا لم يتضرر به أحد..
    الحمدلله على سلامة الوصول..

  9. سامي منصور » أرشيف المدونة » حارتنا….والعيد زمان Says:

    […] يعلن موعد الإفطار بانفجار يسمعه كل أهل أبها … (لكن شالوه بسبب السياحة في أبها) أعجبتني جملة في هذه المدونة ربما صدمتي بأبها الجديده […]

أضف تعليق